مجلس النواب يوافق على مجموع مواد مشروع قانون العمل

عقد مجلس النواب برئاسة المستشار القانوني الدكتور وافق مجلس النواب، في جلسته العامة اليوم الأحد، على كافة مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة لإقرار قانون العمل. تم تأجيل الموافقة النهائية إلى اجتماع لاحق.
وينص مشروع القانون على مراجعة شاملة لقانون العمل. ويهدف المشروع إلى إرساء رؤية جديدة لحقوق العمال وأصحاب العمل دون المساس بمبدأ التوازن بين الطرفين. ويأتي ذلك تماشياً مع التغيرات الأخيرة والتطورات الهائلة التي تشهدها مصر في بنيتها التحتية في كافة القطاعات، بما في ذلك الصناعة والتجارة والزراعة. كما يهدف إلى جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية وتعزيز دور القطاع الخاص.
ويرتكز مشروع القانون الجديد على فلسفة جديدة تتمثل في إرساء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وحماية حقوق العمال لضمان استمرارية العمل وزيادة الإنتاجية، وتشجيع الشباب على العمل في القطاع الخاص بعد عزوفهم عنه في الآونة الأخيرة، ومعالجة فجوة المهارات، وتكييف مخرجات التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل.
ومن أهم أحكام مشروع القانون تنظيم ساعات العمل وفترات الراحة بشكل متوازن، باستثناء بعض الأعمال التي يصدر بتنظيمها قرار من الوزير المختص. يجوز لأصحاب العمل أيضًا تشغيل الموظفين في يوم إجازتهم دون اعتراض، ولكن يجب عليهم تقديم الأسباب والحصول على موافقة السلطة الإدارية. وهذه مسألة تنظيمية ولا تشكل تدخلاً في سلطة إدارة صاحب العمل.
ويمنح مشروع القانون الموظفين الحق في إجازة سنوية تتناسب مع مدة خدمتهم من أجل إعادة شحن بطارياتهم وتجديد نشاطهم. ومع ذلك، فإن صاحب العمل لديه السلطة لتحديد وقت الإجازة بحيث لا تتأثر الإنتاج. كما يسمح بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة من قبل أي من الطرفين، شريطة إخطار الطرف الآخر كتابيًا قبل الإنهاء، وأن يكون الإنهاء قائمًا على أسباب مشروعة وكافية.
وينص مشروع القانون على أن للموظف الحق في إنهاء العقد. وهذا يمكّنه من الحصول على عمل آخر يتناسب مع مهاراته وخبراته المكتسبة، ولكن الراتب لا يكون مماثلاً لرواتب الآخرين. ويشترط في ذلك أن يخطر صاحب العمل قبل انتهاء خدمته حتى يتمكن من تسوية أموره.
وتضمن مشروع القانون بنداً يعطي الأولوية لمطالبات العمال على كامل أصول صاحب العمل المدين، بل وينص حتى على استردادها قبل التكاليف القانونية. كما نص على حق صاحب العمل في إغلاق شركته لأسباب اقتصادية.
يتضمن مشروع قانون العمل سياسة اقتصادية جديدة في مجال التشغيل. وأهم تعبير عنها هو إدخال سياسة التحرير الاقتصادي. ينبغي لأصحاب العمل أن يكونوا قادرين على اختيار موظفيهم على أساس معايير الكفاءة والخبرة. يمكنك الإعلان عن الوظائف الشاغرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو تكليف وكالات التوظيف الخاصة لشغل هذه الوظائف.
كما انفصل المشروع عن مفهوم “احتكار الدولة للتوظيف”، حيث أعطى للجميع فرصة البحث عن عمل بعد الحصول على ترخيص من وزارة العمل. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح التوظيف ممكناً من خلال وكالات التوظيف الخاصة، أي الشركات المتخصصة في اختيار العمال أو توظيفهم لدى آخرين وفقاً للشروط المنصوص عليها في القانون. وتم تبسيط إجراءات الحصول على الترخيص اللازم لبدء العمل بالنسبة لهذه الجهات. ويأتي هذا التنظيم الجديد نتيجة للنمو والانتشار المتزايد لهذه الوكالات في سوق العمل بالجمهورية بأشكال مختلفة، مما يتطلب تدخل الدولة وتنظيم وضعها القانوني، باعتبارها مجالاً جديداً للاستثمار.
وفي مجال تصاريح العمل للأجانب، راعى المشروع عدة جوانب مهمة، أولها عدم خلق منافسة مع العمالة المصرية في الدولة؛ ثانياً، جلب خبرات جديدة إلى سوق العمل المصري؛ ثالثا، عدم تعطيل العمل في الشركات التي تحتاج إلى عمال أو موظفين أجانب مهرة؛ ورابعاً، حماية كافة حقوق العمال المهاجرين وأسرهم. كما سمح المشروع للوزير المختص بإعداد الأحكام التفصيلية مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والفنية المتغيرة.
وشجع مشروع القانون الشباب على العمل في القطاع الخاص دون خوف أو قلق، وضمن لهم الأمان الوظيفي في هذا القطاع. وقد اشترط مشروع القانون أن تتم الموافقة على فصل الموظف من قبل السلطة الإدارية المختصة حتى يكون صحيحا. وقد أدى هذا إلى القضاء على مشكلة الفصل المبكر من العمل التي كانت تمنع الشباب في السابق من العمل في القطاع الخاص.
وينص مشروع القانون على حل النزاعات العمالية بسرعة والتوصل إلى حل عادل سريع. ويحال النزاع إلى لجنة ثلاثية برئاسة مدير مديرية العمل المختصة وعضوية ممثل النقابة وممثل صاحب العمل للتسوية الودية خلال 21 يوماً. إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيتم إحالته إلى قاضي الطوارئ في محكمة العمل المختصة.
وينص مشروع القانون أيضاً على إنشاء محاكم عمالية متخصصة على غرار المحاكم التجارية والأسرية، على أن يكون قاضي العمل هو المختص حصرياً بتسوية النزاعات العمالية. وسيكون لذلك أثر إيجابي على سرعة الفصل في قضايا قانون العمل وزيادة الكفاءة المهنية والقدرة لدى القاضي، حيث أنه سوف يتخصص حصرياً في نزاعات قانون العمل. كما يوجد لدى محكمة العمل سجل ودائرة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات التي تصدرها، وذلك لمنع عجز أحد الأطراف عن المطالبة بحقوقه بسبب صعوبة تنفيذ الحكم الصادر لصالحه. كما سيتم إنشاء مراكز استشارات قانونية في مقرات هذه المحاكم تقدم خدماتها مجانا للطرفين.
وينص مشروع القانون أيضا على إنشاء هيئة للوساطة والتحكيم تتمتع بالشخصية الاعتبارية بموجب القانون العام. بدلاً من اللجوء إلى المحكمة، يمكن لطرفي نزاع العمل الجماعي الاتفاق على اللجوء إلى هذا المركز لحل النزاع بينهما من خلال الوساطة التي يجريها أحد الوسطاء المسجلين لدى المركز. إذا لم يتمكن الطرفان من حل النزاع، يجوز لهما التقدم بطلب إلى إدارة التحكيم بالمركز للحصول على قرار يشكل حكماً تحكيمياً ينهي النزاع. ويعتبر حكم التحكيم نهائيا واجب النفاذ بعد أن تضيف إليه المحكمة العمالية المختصة شرط التنفيذ.
وينص مشروع القانون أيضاً على الالتزام بقوانين المناطق الحرة والاستثمارات وصحة أحكامها. وتنص مشاريع المواد صراحة على أن الأحكام القانونية الخاصة بفئات معينة من العمال ستظل سارية المفعول حتى يتم إبرام الاتفاقيات الجماعية وتنفيذها وفقًا للقانون الجديد. وبناء على ذلك تظل كافة القوانين المنظمة لظروف العمل في المناطق الحرة وقوانين الاستثمار سارية المفعول مع الأخذ في الاعتبار البعد الاقتصادي لتلك القوانين والأنظمة المنظمة لعلاقات العمل التي تعتبر ذات طبيعة خاصة.
وينظم مشروع القانون حق الإضراب ويحدد أحكام تنفيذه. ويتضمن القانون أحكاما خاصة لتنظيم الإضراب من أجل تجنب الفوضى التي سادت في ظل التشريع الحالي. وكان التشريع الحالي متردداً في توضيح مسألة الشرعية والحظر في ظل بيئة قانونية غير واضحة. ولذلك، قدم المشروع أحكاما واضحة بشأن تعريف وتنظيم الإضرابات استنادا إلى معايير العمل الدولية ومعظم المبادئ التوجيهية للجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية، وذلك لضمان الاستقرار داخل الشركة وإيجاد التوازن بين ممارسة حق الإضراب كحق مشروع وضمان استمرارية الإنتاج بما يخدم مصلحة الطرفين.
ويأخذ مشروع القانون بعين الاعتبار التقدم والتطور التكنولوجي، ويأخذ في الاعتبار أشكال العمل الجديدة مثل العمل عن بعد والعمل عبر المنصات الرقمية وأي شكل ونوع جديد من العمل. ويسمح مشروع القانون أيضاً باستعمال الوثائق الإلكترونية بدلاً من الورقية، وتحويل أجور الموظفين إلى البنوك. يعفي هذا النقل صاحب العمل من أي التزام بدفع الأجور ويسمح لصاحب العمل بنقل الموظف إلى منصب جديد من الناحية التكنولوجية بعد تطوير مهاراته بشكل أكبر، دون أن يؤثر ذلك على الأجور أو الراتب.
ويربط مشروع القانون الأجور بالإنتاج ويركز على تعريف دقيق للأجور وأشكالها ومكوناتها. ويهدف المشروع إلى استعادة الدور المفقود للمجلس الوطني للأجور وتفعيله وجعل قراراته ملزمة وقابلة للطعن. ويتضمن المشروع أيضا أحكاما بشأن دفع المكافآت السنوية، التي كانت تثير في السابق مشاكل عملية، لصالح العمال والعدالة الاجتماعية.
ويؤكد مشروع القانون على أهمية آليات التشاور والتفاوض والحوار بين طرفي علاقة العمل. ويؤكد على أهمية الحوار الاجتماعي والتشاور الثلاثي على المستوى الوطني من خلال المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي. ومن مهامها تفعيل وسائل وآليات الحوار الاجتماعي بين طرفي العملية الإنتاجية. يقرر رئيس مجلس الوزراء إنشاء المجلس.
ويهدف المشروع أيضًا إلى تخفيف العبء المالي على طرفي علاقة العمل، مما يراعي توجه الحكومة نحو تبسيط الإجراءات القانونية في جميع مراحل النزاعات. كما يتم إعفاء الموظفين من الرسوم ويجب أن يكون بيان الدعوى موقعًا من قبل محامٍ. كما تم تخفيض نسبة صندوق التدريب والتأهيل من خلال ربطها بالأجر المؤمن عليه وليس بالربح الصافي كما ينص عليه القانون الحالي. بالإضافة إلى ذلك، تم إعفاء أصحاب العمل الذين يقومون بتدريب موظفيهم بشكل كامل من نسبة صندوق التدريب.
المصدر: أ.ش.أ.