المسلمانى يؤكد ضرورة استمرار الحوار المجتمعي لدعم أهداف مصر وتعزيز الإبداع

أكد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الكاتب أحمد المسلماني، اليوم الثلاثاء، أن السينما والمسرح ليسا ملكاً لمبدعيهما فقط، بل لمجتمع يضم أكثر من 100 مليون نسمة، وبيئة عربية وإقليمية تضم ما يقرب من نصف مليار نسمة. وشدد على ضرورة الحوار المجتمعي المستمر، بما في ذلك المفكرين والأكاديميين والأوساط الفكرية، لتعزيز إبداعنا وتصحيح مساراتنا ودعم أهداف مصر في تحقيق الأمن والرخاء وتوسيع مساحة العقل والحرية وترسيخ قيم العلم والبناء.
جاء ذلك في كلمة ألقتها المسلماني اليوم خلال مؤتمر “مستقبل الدراما في مصر”. أقيم المؤتمر في مبنى الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو وحضره عدد كبير من المؤلفين والمخرجين والفنانين وكوادر الإنتاج المسرحي. وكانت المناسبة هي الذكرى الـ91 لأول بث إذاعي بصوت المذيع أحمد سالم وعبارته الشهيرة “هنا القاهرة” على الهواء في تمام الساعة 6:45 مساءً. في يوم السبت 31 مايو 1934م، بدأ البث الأول بتلاوة القرآن الكريم للشيخ محمد رفعت.
قال المسلماني: “تبذل الدولة جهودًا حثيثة لمواجهة خطر التطرف، ويجب أن يكون الإبداع شريكًا في هذه المعركة. لا ينبغي أن يكون المبدعون على الجانب الآخر من المعركة”. وشدد على ضرورة مواجهة التطرف، مضيفا: “الحرب هي حرب أفكار وسلوك، والخاسرون هم من يسيئون استخدام القوة الناعمة”.
وأضاف: “تمتلك مصر قوةً رقيقةً تدوم لآلاف السنين. في مدينتنا العظيمة الإسكندرية، درس أعظم فلاسفة العالم، ومن أبيدوس، محافظة سوهاج، أقدم عاصمة في العالم، انبثقت قيم الدولة والقانون، وفن الكتابة والإبداع. وعلى مرّ آلاف السنين، وعبر طبقات حضارتنا العريقة – الفرعونية والقبطية والعربية والإسلامية – قادت مصر قافلة الثقافة من جديد إلى قلب العالم القديم حتى وصلت إلى العصر المصري الحديث، الذي دام مئتي عام”.
وتابع: “لقد أنار عصر الحداثة المصرية العالم العربي من المحيط إلى الخليج… روايات وموسيقى، أفلام ومسلسلات، برامج ومقالات… قوتنا الناعمة اليوم تقف عند مفترق طرق… إما تراجع في التنوير والتأثير، أو أن يكون المستقبل استمرارًا للماضي… القوة قوة، والعطاء عطاء. لا خيار أمامنا إلا الحل… لا تراجع أبدًا، بل صعود مستمر… دور ريادي… وعطاء أبدي حتى نهاية التاريخ”.
وفي كلمته، وجه المسلماني الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على تكليفه بقيادة الهيئة الوطنية للإعلام في هذه الفترة الصعبة، وتعهد بخدمة ماسبيرو ومصر بكل قوة وإخلاص. كما رحب بمبدعي ومبدعات مصر، ومثقفي ومثقفات مصر، في ماسبيرو، رمز القوة الناعمة العربية، من خلال 91 عاماً من الإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما.
وفيما يلي نص كلمة رئيس الهيئة:
“بسم الله الرحمن الرحيم” سيداتي وسادتي بالنيابة عن الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية، يسعدني أن أرحب بكم في هذا المنتدى الهام الذي سيفتح باب النقاش والحوار حول مستقبل الدراما في مصر، الآن وإلى الأبد.
يسعدني ولزملائي أن نشهد اليوم مرة أخرى عودة النجوم المصريين إلى ماسبيرو – الرجال والنساء الذين يمثلون قوة قوتنا الناعمة.
لقد كان انتظارًا طويلاً، لكنه الآن وصل أخيرًا. مرحباً بكم في بيتكم الأول، التلفزيون المصري.
سيداتي وسادتي لقد شرفني الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعييني رئيساً للهيئة الوطنية للإعلام في هذه الفترة الصعبة. ونعد فخامته بأننا سنبذل قصارى جهدنا ونظل أوفياء لماسبيرو ووطننا.
سيداتي وسادتي إن السينما والمسرح لا ينتميان إلى مبدعيهما فحسب، بل إلى مجتمع يضم أكثر من مائة مليون إنسان، وبيئة عربية وإقليمية تضم ما يقرب من نصف مليار إنسان.
وعلى هذه الخلفية فإن الحوار الاجتماعي المتواصل بين المفكرين والأكاديميين والأوساط الفكرية أمر ضروري لتعزيز إبداعنا وتصحيح مسارنا ودعم أهداف بلادنا، وهي تحقيق الأمن والرخاء وتوسيع دائرة العقل والحرية وترسيخ قيم المعرفة والبناء.
سيداتي وسادتي تعاني بلادنا من موجات متكررة من التطرف الديني، والعداء تجاه الفن والإبداع، وحرب مريرة يشنها تجار المخدرات العالميون ضد شعبها. لقد أصبحت بلادنا واحدة من أخطر بلدان العالم عندما يتعلق الأمر بالمخدرات. المخدرات تعني حرباً كيميائية ضد بلادنا. إنه سلاح دمار شامل يهدد أجيالنا بهدوء.
إن الدولة تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة هذا الخطر الكبير، ولا بد أن يكون الإبداع شريكاً في الحرب والمواجهة. لا ينبغي للخالق أن يكون على الجانب الآخر من القتال.
وتعاني مصر أيضًا من نقص المياه، مما يدفعنا إلى حلقة مفرغة من فقر المياه. يضاف إلى ذلك التهديدات القادمة من الجنوب، والتي تدعمها قوى أجنبية تريد ممارسة ضغوط مستمرة علينا. وهذا يهدد حدودنا ووجودنا.
علاوة على ذلك تعاني مصر من ثورة ثقافية بين الأجيال الجديدة ومن تزايد التأثيرات الأجنبية على حساب الإبداع المصري والفكر الوطني. وتواجه مصر أيضاً أزمات إقليمية على حدودها وفي قلب دائرة نفوذها. إن هذه الأزمات لا تنتهي إلا عندما تبدأ، ولا تبدأ إلا عندما تستمر وتستمر… ظلام فوق ظلام.
وفي خضم كل هذا، تصبح أهمية ما تفعلونه وما ينبغي علينا جميعًا أن نعمل عليه واضحة. الحرب هي حرب أفكار وسلوك، والخاسر هو من يستغل القوة الناعمة.
سيداتي وسادتي مصر لديها قوة ناعمة عمرها آلاف السنين. في مدينتنا العظيمة الإسكندرية درس أعظم فلاسفة العالم، ومن أبيدوس في محافظة سوهاج أقدم عاصمة في العالم جاءت قيم الدولة والقانون، وكذلك فن الكتابة والإبداع.
وعلى مدى آلاف السنين، ومن خلال طبقات حضارتنا المتفوقة ـ الفرعونية والقبطية والعربية والإسلامية ـ وحتى العصر المصري الحديث الذي امتد مائتي عام، قادت مصر مرة أخرى القافلة الثقافية إلى مركز العالم القديم.
لقد أضاءت الحداثة المصرية العالم العربي من المحيط إلى الخليج… من خلال الروايات والموسيقى، والأفلام والمسلسلات، والبرامج والمقالات.
لقد وصلت قوتنا الناعمة اليوم إلى مفترق طرق. إما تراجع في التنوير والتأثير، أو أن المستقبل سيكون استمرارًا للماضي. القوة تضاف إلى القوة، والعطاء يضاف إلى العطاء. ليس لدينا خيار في الجواب. لا تراجع أبدا، بل صعود مستمر… ودور رائد… وعطاء أبدي حتى نهاية التاريخ.
ضيوفنا الأعزاء مبدعو ومبدعات مصر… ومثقفو ومثقفات مصر… أرحب بكم ترحيبا حارا في منزلكم الأول، ماسبيرو… رمز القوة الناعمة العربية… على مدى واحد وتسعين عاما من الإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما… وأتمنى لكم مؤتمرا ناجحا… وحوارا إبداعيا.
يوم جيد السلام والنعمة والبركات على مصر.
المصدر: موقع الهيئة